[center]تحليل موشح " هل درى ظبي الحمى " لابن سهل الأندلسي
( المرجع الممتاز في اللغة العربية للسنة الأولى بكالوريا آداب
وعلوم انسانية)
- تقديم:
عرف الشعر العربي بدءا من النصف الثاني من القرن
الهجري عددا من التحولات الثقافية والفنية بسبب التغيرات السياسية والاقتصادية
التي شهدها العصر العباسي، وانعكست على مختلف المجالات العلمية والأدبية. وتتجلى
انعكاسات هذا التحول على:
*المستوى الأدبي في: التعبير عن الذات والخروج عن
القصيدة التقليدية في بعض الشكليات، وتجاوز المقدمة الطللية والتغني بالخمرة والتغزل
بالنساء والغلمان.
* المستوى الثقافي: تنوع الثقافات بسبب الاحتكاكات التي
وقعت على إثر الفتوحات الإسلامية وانتشار رقعة الإسلام.
-الأندلس
هي اسبانيا والبرتغال حاليا، وقد كانت تسمى قديما بجزيرة إبيريا، حكمها العرب لمدة
ثمانية قرون، ثم فتحها من قبل القائد
المغربي طارق بن زياد سنة 95 هـ.
- عرفت الأندلس ثقافة واسعة، وتميز أهلها بتقدير العلماء
وإعلاء مقامهم؛ وبذلك كثر العلماء في الأندلس، ومن ثم مؤلفاتهم.
II- ملاحظة النص:
1- الشكلالطباعي للنص:
q النص عبارة عن قصيدة شعرية ذات شكل عمودي، لكن
أبياتها متفاوتة الطول ومتنوعة الروي.
q ذو حجم متوسط مكتوب بخط أسود على سند أخضر.
q يعلوه عنوان بارز باللون الأحمر على سند أبيض.
q موثق بصاحبه ومصدره في الأسفل.
2- مصدر النص :
النص مقتطف من
ديوان ابن سهل الأندلسي- دراسة وتحقيق: يسرى عبد الغني عبد الله، دار الكتب
العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1988،
ص:44-47 (بتصرف).
3- قراءة في العنوان :
* تركيبيا : العنوان جملة استفهامية
تعجبية مكونة من حرف استفهام وجملة فعلية( فعل وفاعل مضاف ومضاف إليه).
* دلاليا :
v تساؤل الشاعر عما يلقاه في حبه من لوعة.
v استفهام مفاده طلب الشاعر معرفة ما إذا كانت
محبوبته على علم بما يعانيه من جفاء وهجران.
4-فرضية النص :
من خلال قراءة العنوان، و البيت والأول والأخير، نفترض
أن القصيدة ستتناول موضوع الغزل بتصوير جمال معشوقة الشاعر وهجرانها له.
III-
فهم النص:
1-الفكرة العامة:
تصوير الشاعر لمعاناته العاطفية جراء حبه لمعشوقته وتألمه من جفائها
وهجرانها له، وتعداده لمحاسنها ومفاتنها.
2- الأفكار الأساسية:
§
تشبيه الشاعر
معشوقته بظبي الحمى لما تتميز به من حسن وجمال وتعلق بها إلى درجة التيهان.
§
جني الشاعر
لذته العاطفية من محبوبته رغم ابتعادها عنه وإحساسه بالعذاب بسبب الهجر والابتعاد.
§
تغني الشاعر
بظبي الحمى وحسنه البراق، رغم اعتراضه عليه ومعاملته مثل السحاب الهاطل.
§
يتنمنى الشاعر في نهاية قصيدته زوال ما يحرمه من عطف محبوبته ورأفتها.
IV- التحليل:
1-المستوى المعجمي:
الألفاظ الدالة على العاطفة والوجدان | الألفاظ الدالة على الدين والأخلاق | الألفاظ الدالة على الطبيعة ومظاهرها |
قلب، صب، خفق، يوم النوى، مكلوم الجوى، وجدي، فؤادي، أشواقي... | ذنب، الحسنى، المذنب، أحمي... | ظبي، مكنس، ريح الصبى، بدورا، أقحوانا، رحيق، الشمس... |
تضافرت الحقول الدلالية الثلاثة لغرض التجربة العاطفية
للشاعر وعرض أحاسيسه، إلا أن هيمنة حقل الطبيعة شكل نقطة تحول بالمقارنة مع
الموروث الشعري القديم.
-هل درى ظبي الحمى : استعار الشاعر من الظبي صفة الجمال وأسندها إلى
محبوبته علي سبيل الاستعارة التصريحية لما
بينهما من تماثل ومشابهة تتجلى في التستر و التخفي عن ناظره مما يزيدا من لوعته
وصبابته.
- البيت السادس و السابع :
يشبه الشاعر نفسه
بالسحاب المنهمر و محبوبته بالربا وقت هطول المطر بين الخصب والزهو والطلاقة، حيث
يقول أنه عندما يذهب ليخبر و يشكوا لمحبوبته ما ألم به منها يبكي و ينهمر حزنا، إلا أن ردة فعله
هو أنها ابتسمت و فرحت بذلك مثلما تسعد الارض بسقوط المطر.
تلعب الصورة الفنية دورا مهما في إضفاء جمالية
على النص الشعري، والملاحظ أن أغلب الصور الشعرية متحت من حقل الطبيعة مما يؤكد
اختلاف وفرادة الشعر الأندلسي.
2- المستوى الإيقاعي:
* الإيقاع
الخارجي:
- الوزن:
هل درى ظبي الحمى
أن قد حمى قلب صب حله عن مكنس؟
هل درى
ظبي لحمى أن قد حمى قلب صببن
حللهوعن مكنسي؟
-* --* -*-
*--* -* -* --* -*--*-* -*--* -*
-*--*
فاعلاتن
فاعلاتن فاعلن
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن بتر بتر
بحر الرمل
-القافية
والروي: مكنس
-*-* الغرر تنوع القافية
-*--*
س تنوع الروي
ر
*الإيقاع
الداخلي:
- التكرار: غالب،
شمس.
- الجناس: رفيق،
رحيق، الحمى، حمى.
- التقابل:
القطر/ المأتم، منكم الحسنى/ من عيني النظر.
*يكشف الجانب
الإيقاعي عن مظهر من مظاهر التحول في الشعر عن النموذج القديم وذلك يتجسد في
القافية والروي.
3- المستوى
التداولي:
-الأفعال: تتراوح
الأفعال في النص الشعري من حيث صيغتها الزمنية بين الماضي والحاضر : درى، ذهب،
يقيم، ينبت.
نلاحظ هيمنة
الجمل الفعلية على الجمل الاسمية مما يدل على عدم الثبات والاستقرار ورغبة الشاعر
في تغيير واقع المعاناة.
- الجمل الخبرية
والإنشائية:
*الجمل الخبرية:
البيت 2،7،10.وهي تكشف عن تجربة الشاعر العاطفية وعرض مشاعره وأحاسيسه.
*الجمل
الإنشائية: البيت 1،8،17. وهي تنم عن حيرة الشاعر وقلقه بسبب جفاء محبوبته له
وهجرانها إياه.
V-
تركيب وتقويم
ينتمي النص -قيد الدراسة-إلى فن الموشح؛ وذلك
يظهر من خلال تجسيده لخصائص الموشح شكلا ومضمونا،.فعلى مستوى الشكل نجد أن القصيدة
قد احترمت الهيكل العام لهذا الفن الذي يتشكل من مطلع،وقفل وخرجة وأدوار، وأغصان
وأسماط. أما على مستوى المضمون، فقد تناولت القصيدة غرض الوصف المنسجم مع الأغراض الجديدة التي استحدثت
مع ظهور هذا الفن .
[/center]