قامت الناقدة المسرحية الأميركية البروفيسور بوني
مارانكا بتأليف كتاب عنوانه مسرح الصورة والذي نشر في عام 1977م ثم الطبعة
الثانية في عام 1996م, تقدم فيه خلاصة أبحاثها في مسرح ما بعد الحداثة
الأميركي.
عن الكاتبة, Bonnie Marranca إضافة إلى انشغالها في مهنة التدريس في كلية
الفنون ايوجين لانج, فهي تعمل ناشرة ومحررة لمجلة تعنى بالفنون تصدر في
نيويورك بعنوان بايج, وان مكانة مجلة بايج قد يتعدى كونها المصدر الرئيسي
لنشر المسرحيات باللغة الإنكليزية, كما إن عملها كناقدة ومحررة ومدرسة أتاح
لها الاحتكاك بأجيال من الفنانين والتيارات الفنية, ولعل من أهم ثمار هذا
الحضور في المشهد الثقافي هي المتابعة النقدية لكل من المسرحي ريتشارد
فورمان و روبرت ويلسون والذي يدور كتاب مسرح الصورة حول أعمالهم, إضافة إلى
متابعاتها النقدية لكل من سام شيبرد وماك ويلمان وماريا ايرين فورنيس
وشارلز مي و فاكلف هافل وكارلوس فونتيس وغيرهم, وعلى الصعيد الأكاديمي فهي
تقدم محاضرات في الفنون المسرحية وخاصة النقد في الجامعات الأمريكية مثل
برينستون, كولومبيا, ديوك, كاليفورنيا, ايوا, والجامعة الحرة في برلين,
والمعهد المسرحي التابع لجامعة اوتومونوس في برشلونة, وتركز في محاضراتها
إلى الآن على اتساع أفق النقاش لتعليم الطلبة كيف ينظرون للفن وكيف يفكرون
في الفن وأخيرا كيف يكتبون عن الفن.
ما يتعلق بالكتاب The Theatre of Images: Bonnie Marranca, ed. NY: Drama
Book Specialists, 1977. فهو يقع في 176 صفحة من القطع المتوسط وتنقسم إلى
أربعة مباحث رئيسية, إضافة إلى مقدمة منهجية أضيفت لهذه الطبعة, وتقول
الناقدة في صفحة 07 إن مهمة المخرج هي تشكيل سياق جديد يشد انتباه الجمهور
لأحداث العرض المسرحي, وهي هنا تقصد العمل على جذب انتباه الجمهور من النص
إلى العرض حتى لو كانت المسرحية معروفة للجمهور, وتؤكد على ذلك في صفحة 23
في قولها إن في مسرحية روبرت ويلسون رسالة للملكة فكتوريا تنبه المخرج إلى
احتمال عودة الجمهور ليعود بذاكرته إلى خطاب النص المسرحي, كما تقول في
صفحة 42 إن العرض المسرحي لا بد إن يكون تمرينا في الإحساس البصري, وهذا ما
حدث حسب قولها في مسرحية رسالة إلى الملكة فكتوريا حيث تؤكد في صفحة 43
كان هذا العرض المسرحي يسخر من اللغة الأدبية ويبني جسورا للجمهور نحو لغة
مسرحية تحاكي الإحساس البصري, وفي صفحة 55 تؤسس لمسرح الصورة مرجعياته
الفنية بوصفه لم يطفو إلى السطح مقطوع الجذور فتقول لقد كانت رغبة المخرج
انطوان ارتو والكثير من المسرحيين أن يكون الممثل تجسيدا لصورة الفكرة التي
جاء بها المؤلف وليس الفكرة ذاتها, كذلك تؤكد على أولوية لغة العرض
المسرحي البصرية مقابل لغة الحوار الأدبية في مسرح الصورة.
بالنسبة لمصطلح مسرح الصورة, فقد توصلت الناقدة ضمن هذا الكتاب إلى النتائج
البحثية المؤدية لمصطلح مسرح الصورة الذي خرجت به من خلال تحليل أهم ثلاثة
عروض مسرحية أميركية ضمن سياق مسرح ما بعد الحداثة حسب رأيها وهي مسرحية
القيادة إلى الجمهور للمسرحي ريتشارد فورمان ومسرحية رسالة إلى الملكة
فكتوريا للمسرحي روبرت ويلسون ومسرحية صورة الحصان الأحمر المتحركة للمسرحي
لي بريور, حيث أطلقت على هذا التيار المسرحي مسرح الصورة في مقالاتها
النقدية بداية منذ العام 1976م, مسرح الصورة يشمل المسرحيات التي يتم
إخراجها بشكل يمنح للصورة مساحة من التعبير الدرامي بنسبة توازي بين لغة
الصورة المسرحية و بين لغة الحوار المسرحي دون أن يحل احدهما بديلا للآخر,
أخيرا يعرض كتاب الناقدة بوني مارانكا مسرح الصورة لأول مرة والذي ارتبط
باسمها كما ارتبط مصطلح الدراما باسم أرسطو لأول مرة.
هنالك كتاب آخر عنوانه أيضا مسرح الصورة, الطبعة الأولى, قطر, الناشر
المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث, 2003م, والذي يعلن فيه المخرج
المسرحي العراقي الأستاذ الدكتور صلاح القصب انه هو من أوجد مصطلح مسرح
الصورة وقدم بيانات هذا الاتجاه المسرحي, فلم يذكر فيه انه يتبع اتجاها
مسرحيا عالميا يسمى مسرح الصورة بل اكتفى أن ينسب مسرح الصورة لنفسه نظرية
وتطبيقا, وقدم هذا الكتاب وكأنه براءة اختراع في فن الإخراج المسرحي, لكن
الجمهور الذي اعتاد مشاهدة المسرحيات الملحمية وفق نظرية بريخت من على خشبة
المسرح العراقي منذ عشرات السنين, لم يتوقع أن يصدم أيضا حينما زارت بغداد
فرقة من ألمانيا تعنى بتقديم مسرحياتها وفق نظرية بريخت فحينها فقط عرف
الجمهور بريخت لأول مرة.
الكاتب
سرمد السرمدي
ماجستيرفنون مسرحية,كليةالفنون الجميلة,جامعةبابل,العراق
منقول