مفاهيمية بيكاسو
[في التشكيل المسرحي والرسم بالكلمات
د.أبو الحسن سلام
لاشك أن العين النقدية المتمرسة تستطيع أن " تعرف من الرسومات المبكرة
لذلك الصبي الصغير في شوارع برشلونة .. ومن الأشكال الكثيرة للأم والطفل
المرسومة في ( الفترة الزرقاء) من عمله الفني أن (الطفل) الذي كان يجذب
بيكاسو لم يكن طفل العائلة الكبيرة.. ولكن الطفل باعتباره إنتاجا للحياة
الإنسانية.. طفل الناس كلهم.. الطفل البريء .. ولكن الممتلئ لدرجة الانفجار
بجرائمهم الفضائل والرذائل التي يمتلكها الإنسان البالغ "
وليس جديدا بالنسبة للعين الناقدة أيضا أن تعرف لبيكاسو " رسومات كثيرة
ترينا رغبة بيكاسو في أن يفهم بالضبط تلك النظرات الفضولية لطفل الشارع ،
وأيضا توجد رسومات أخرى تقنعنا بنفس الدرجة بالسعادة التي وجدها بيكاسو في
لهو الفتيات الصغيرات وخيلاتهن." وقد ظهر أثر ذلك أيضا في مسرحيته
الأولى (البنات الأربع الصغيرات) فضلا على أثر لوحته الخالدة ( جورنيكا )
وفيها يلفت نظر المتلقي بروعة تعبيره إلى فكرة اقتراب الموت من الأطفال في
هذه الكارثة التي حلّت في ذلك الوقت ، بسبب ما أوقعته الحرب العالمية على
تلك القرية الاسبانية.
بيكاسو بين شعر الألوان وشعر الكلمات:
لما كان الشعر صورة تخييلية وإيقاع ، ولما كانت كل الفنون تطمح إلى أن
تكون موسيقية ، فقد تزاوجت إيقاعات لغة الألون وإيقاعات لغة الكلامية في
تخييلات بيكاسو في سباق رحلتها للارتقاء إلى مصاف الموسيقى . ولا شك أن ذلك
لا يتحقق بدون تجارب ومقاربات ومعارضات ومداخلات معقدة ، استطاعت مقدرة
الفنان الفذة أن تجمعها وتحيلها إلى ذكرى ، لا يتبقى منها إلا ما تحت رماد
احتراقها في آتون وجدانه الذاتي/الجمعي ، وما يتبقى بلا أدنى شك هو اللآليء
والجوهر ، الذي تجتهد مهارته وفطنته في إنتاجه خلال إبداع غير مسبوق ؛ يلح
عليه أن يكتبه رسما أو موسيقى أو حوارا أو حكيا أو تخييلا مرئيا أو مسموعا
أو مرئيا مسموعا في آن. لذا كان طبيعيا أن تكون قدرة بيكاسو التصويرية
رسما بالألوان أو بالكلمات ؛ نتاجا لمحصلته المعرفية الفكرية والوجدانية
تلك ؛ على المستويين : النظري والعملي ؛ لذا نراه خلال حياته الطويلة قد
استطاع أن يكوّن صداقات مع شعراء أكثر من صداقاته مع الرسامين ؛ ولذلك لم
يكن هناك ما يفاجئ أحد أن يجده مزاولا لفن الشعر كتابة. ففي خريف عام 1935 ،
عبر بيكاسو شعرا عن مشكلة عاطفية ألمّت به ؛ عندما استحال التعبير عنها
بالرسم ولو لم تكن أولئك الكتّاب على يقين من مساهمته الشعرية في عالم
الأدب ؛ مساهمة ذات قيمة ، وليست مجرد مسألة تجريبية ؛ لما احتفت بها
الأقلام النقدية.
الخاصية الأسلوبية في إبداع بيكاسو التشكيلي والأدبي:
إن العين النقدية المتتبعة لأسلوب بيكاسو في التصوير التشكيلي أو الأدبي
تلاحظ خاصية أسلوبه في التركيز على مفهوم ارتباط فكرة الحب بفكرة الموت ؛
ففي لوحاته مزاوجة ( كاثوليكية إذا جاز لنا أن نقول ذلك) بين فكرتي الحب
والموت . وهذا ما يتضح في مسرحيته الأولى ( البنات الأربع الصغيرات) وفيها
توكيد لخاصية الأسلوب المعبّر عن ذلك التزاوج ؛ فنص المسرحية يحمل بصمته
وخاصية أسلوبه لغة وخيالا وجرأة نجدها في منظومته التشكيلية، أو على
المستوى الإبداعي نفسه ، الذي نعرفه عنه في مجال الرسم .فـ "بيكاسو" المصور
بالألوان هو نفسه بيكاسو المصّور بالكلمات؛ فكما يضرب عرض الحائط بقواعد
الرسم يضرب عرض الحائط بقواعد اللغة الكلامية ، وبما تتطلبه من علم تركيب
الكلام. فضلا على ذلك ثورية انحراف إبداعه الفني والأدبي عن جادة المدارس
الفنية والأدبية التقليدية. ومن المعلوم لدى العارفين بمنطلقات الإبداع
الحقيقي أنه ما من خلق جديد بدون ذلك الانحراف المدروس والمقصود عن جادة
القواعد ، لغة وأسلوبا كلاميا كان أم غير كلامي هو الذي يضخ رؤى جديدة
مبتكرة وغير مسبوقة إلى عالم الإبداع؛ بما يجدد شباب الفعل الثقافي فنيا
وأدبيا ؛ دعما للحياة الفكرية، وحضا على إحسان حياتنا الإنسانية المشتركة.
على أن ارتباط فكرة الحب بفكرة الموت في إبداعاته - كخاصية مضمونية –
كان بسبب تأثره العميق بما ترتبت عليه نتائج الحرب وآثارها المأساوية ؛ لم
يقتصر علي مسرحيته الأولى وحدها بل امتدت صورة البؤس ، الذي خلفته الحرب
بخاصة على أسبانيا وعلى فرنسا إلى مسرحيته الثانية ( الرغبة ممسوكة من
الذيل) وهي مسرحية قناعية (Mask) وهي مسرحية قصيرة في ستة لوحات ،
وشخصياتها ( خضروات وفواكه) .
في مسرحيته الأولى تشيع البرودة والقلق ، بفعل لغة الحوار المتشظية ،
والأفكار المتقافزة دونما رباط يربطها ، بحيث النسق البنائي المتجاور مابين
عبارة وعبارة تالية لها ، فيما يشخص كل منها صورة تشكيلية رسمت بالقلم ،
ولم ترسم بالريشة ، وبالكلمات بديلا عن الألوان ، في نسق بنية من صور
متجاورة ، وهو نسق مقارب لنسق معرض للوحات والصور في معرض لفنان تشكيلي ،
فكل صورة في البنية الحوارية لكل بنت من البنات الأربعة غير مرتبطة بالصورة
التي رسمها حوار شقيقتها ، وغالبا لا ترتبط بما قبلها ، أو بما بعدها ؛
وهذا الانفصال أو التبعيد بين تصوير كلامي وتصوير كلامي يجاوره ؛ فاقد
لحميمية التواصل ، ودفء العلاقة بين الشخصيات ؛ حتى أشواقهن العنيفة
ورغباتهن قد عبرن عنها في صورة تتسم بالذكاء الحاد ؛ مما يكشف عن تيار
الوعي الذي تقنع به بيكاسو خلف بناته الأربعة؛ في مقابل تهميش تيار الشعور؛
على الرغم من طفولية لغتهن وبراءتها ، فإن القناع الدرامي يشف عن وجه
بيكاسو ، نفسه في رقي اللغة الكلامية/التصويرية ، حتى مع استعماله أمثالا
طفولية لا معنى لها ؛ فإنها في الحقيقة وسيلة شرح لنزواتهن وأحلامهن ،
بخاصة في أحادثيهن مع الورود ، والطيور والحيوانات في أثناء ذوبانهن في
هواء حديقة الخضروات المعطرة ، وسخريتهن من الكبار ، ورؤيتهن للألوان
وبراءة صبغتها لكل ما يحيط بهن ، ومع ذلك يتبادلن الحديث بحكمة تعادل حكمن
الكورس اليوناني في تراجيديا مسرح اسخيليوس . يقول عبد المنعم سليم "
إن بيكاسو ككاتب مسرحي يستخدم الفرشاة وليس القلم ! فإذا كان الصراع
الدرامي أساسه الكلمة فإن الصراع الدرامي في مسرحية بيكاسو هذه أساسه
اللون.أي أن هذه المسرحية صراع درامي بالألوان.فالكلمات هنا لم توجد لتوصيل
المعنى بقدر ما هي موجودة لتوصيل الصراع الدرامي بين ألوانها "
إن المغزى الذي تنطوي عليه الجملة الأخيرة من قول عبد المنعم سليم ، تؤكد
– قصد أم لم يقصد- أن كل لوحة تشكيلية هي حدث درامي يقوم على صراع بين
الألوان والتكوينات والحيز الفضائي والإضاءة والتظليل على أرضية اللوحة.
الصورة بين التفعيل والتذييل والتظليل: ما بين النص الحواري والنص الموازي
علاقة تفاعلية تتداخل فيها فعل التهيئة الصوتية للتعبير الأدائي مع التهيئة
البصرية للتصوير لبيئة الحدث وزمانه. وهذا ماثل في كل أنساق البناء
الدرامي في كل المدارس المسرحية.
وفي هذه المسرحية ، تظهر التهيئة البيئية للحدث في النص الموازي:
( حديقة الخضروات.. بئر في المنتصف )
أما لغة التفعيل الدرامي فتظهر في مقاطع من غناء الفتيات الأربع الصغيرات:
يغنين :
" لن نذهب إلى الغابات "
بينما يكشف تبريرهن لعدم الذهاب عن طريق لغة التذييل التي تليها:
" أشجار الغار كلها قطعت "
ولأن التقافز من حال إلى حال ومن فكرة إلى فكرة عبر أسلوب التداعيات سمة
من سمات الطفولة لذا فسريعا ما يغيرن الموضوع بموضوع جديد لا علاقة له
بالموضوع السابق :
" هذا العسل هناك
سوف نذهب ونمتصه "
هكذا يتوالد الفعل من فعل سابق له ؛ فسريعا ما ينتقلن إلى موضوع آخر دون
أن يقمن بعمل ما قررن فعله من قبل. وهكذا تتوالد الصور عبر التقافز من قرار
بنية فعل لم يتم إلى تبنّي قرار جديد ، في مساحة زمنية متصلة تستغرق زمن
التصوير اللفظي !! تحمل الصورة السابقة حالة تفعيل مرهص : " سوف نذهب
ونمتصه" مسبوقة بتذييل استباقي " هذا العسل هناك " انتهاء بحالة تفعيل ؛
حيث تتحول حالة الإعلان عن نوايا الفعل إلى استعداد للبدء في الفعل :
" هيا نذهب إلى الرقص "
ولكنهن يظللّن حالة التفعيل الدرامي تلك؛ بوصفها بديلا عن الذهاب إلى
الرقص إذ يشرعن في تقليد طريقة الرقص التي يرقص بها مجهولون افتراضيون في
حلبة الرقص الافتراضية المنشودة :
" هكذا هم يرقصون "
ولأن اللقاء الرقص ، يكون مصحوبا بالموسيقى وربما بالغناء أيضا ، ولأن
المرقص يجمع الأصدقاء والنظائر، فمن الطبيعي تبادل التحايا والقبل ، لذا
يصور البنات في غنائهن صورة افتراضية للقاء الراقص بأسلوب التظليل الدرامي :
" أن نرقص، أن نغنى، أن نقبل من نريد "
الترجمة المعنوية للصورة: لا تحرر ولا مجد ولا فخار في ظل انكسار البراءة.
تشف الصورة عن مفهوم: ( عندما يكون حب الحياة أقوى من الفناء ؛ تكون
الرغبة الاستمتاع بما تبقى من ملذاتها أهم العوامل المقاومة للدمار والخراب
الذي ألحقناه بها.) هكذا تجعل الصورة حب الحياة تذييلا استباقيا لتبرير
فعل الاستمتاع بالحياة ليصبح الدمار والخراب في خلفية الفعل الحاضر
الاستمتاع بالحياة) تظليلا لصورة الحاضر. فالصورة إذن صورة دادية (طفولية
افتراضية) ؛ لما يجب أن يكون عليه تعبير الإنسانية عن نفسها إذا أرادت ألاّ
تفقد البشرية خمسين مليون نفس أخرى بعد حربين عالميتين مروعتين ، وهو ما
يقطع بفساد غواية الاعتماد على العقل .
سيكولوجية الألوان: تلعب الألوان في حياة الطفل دورا حاسما في الكشف عن
سيكلوجيته ، فأي الألوان تلك التي وظفها بيكاسو في الصورة ، تقديمة درامية
لنصه المسرحي التشكيلي ! ( الغابات جذوع خضراء وأوراق خضراء – أشجار الغار
المقطوعة خضرة مشوبة بالصفار نتيجة لجفافها بعد أن قطعت – العسل بني اللون
) سعادة مشوبة بالغيرة والقتامة . وفي مقابلها رغبة في الرقص وفق تقليد
سابق " هكذا هم يرقصون" والصورة هنا تستبدل الإيقاع الحزين بميزانه
الإيقاعي المتباطئ بإيقاع مغاير ؛ خروجا من حالة حزن وكآبة إلى حالة فرح
وسعادة ؛ استمرارا للحياة.
التعبير الأدائي: لأن طبيعة الحدث الدرامي تتوّج بالأداء التمثيلي ؛ سواء
تقصد المؤلف ذلك أم اقتصر قصده من كتابة مسرحيته على مجرد القراءة ، تبعا
لما افترضه الناقد عبد المنعم سليم " يبدو أن بيكاسو كان في الأصل يريد أن
يكتب مسرحية تكون سهلة القراءة أكثر منها ممثلة. " لذلك فإن الضرورة تقضي
على الناقد المسرحي لنص كهذا ؛ من نصوص مسرح الصورة ألاّ يكتفي بنقد الصورة
المسرحية دراميا وفنيا ، بل يتجاوز ذلك إلى نقدها نقدا فنيا تشكيليا؛ دون
أن يغفل تحليل الصورة تحليلا أدائيا يشكل أساسا منهجيا لأداء الممثل.
دادية الصورة في نسق الحوار المتشظي:
لا تعتمد كتابة المسرحية الدادية على الذاكرة البشرية في اللغة وفي الفعل
، وفي العلاقات وفي القيم ، فضلا على توظيف أدوات اتصال تلقائية ، غير
مسبوقة في خبرة المجتمعات البشرية. أما الصور ؛ فالتشظي هو أساس في بنائها
اللاشكلي.
ولأن السيريالية هي وليدة الدادية والتتويج الطبيعي لتطور حركة بعث الروح
الإنسانية ؛ في عوالم اللاوعي ، بالتحليق بعيدا في سماوات ميتافيزيقية
بحثا عن الحقيقة الغائبة عن علاقة الإنسان بذاته وبالآخر وعن علاقته بالكون
، لذا فإن لصلة الرحم الفكري والفني بين الدادية السيريالية تكشف عن
علامات تواصل بينهما يعرفها المبدعون والنقاد الحداثيون والتفكيكيون. وإذا
وقفنا أمام الصورة التي يحملها نسق حوار البنت الأولي ؛ نكتشف تجليات
التزاوج بين الدادية والسيريالية:
" الأولى: هيا نشق كل الورود بأظافرنا، ولنترك رائحتها تدمى على تجاعيد النيران
والألعاب، وأغانينا و(مرايلنا) الصفراء الزرقاء البنفسجية.. هيا نلعب لعبة
الإيذاء .. ونؤذي أنفسنا .. ثم نحتضن بعضا بعضا.. وتكون لنا ضوضاء
ساخنة.. بشعة.
الثانية: مامي.. مامي.. انظري إيفت تحطم وتدمر في الحقيقة وتشعل النار في
الفراشات .. مامي .. مامي .
الثالثة: قرروا بأنفسكم كيف تريدون أن تضيئوا شعلة ريشة الديك، من الشموع التي
تتوسط ( لفف الأطفال ) المعلقة على فروع أشجار الكرز.
احترسوا- ها أنا ذي أقول لكم – من أجنحة الطيور المنتوفة .. الطيور الميتة
في الأقفاص والتي تغني وهي طائرة على أكمام حريرية لفستان ، ثناياه سماء
فستان سقط من الغيب.. "
الأولى: (تغني) لن نذهب إلى الغابات ..
أشجار الغار كلها قد قطعت
العسل هناك "
الترجمة المعنوية للصورة: تشف الصور المتشظية في الحوارية السابقة عن
مفاهيمية تعارض النوازع البشرية ، فيما بين نوازع الشر والخوف من الوقوع
فيه.
فما بين عدوانية البنت الأولى وتخوفات البنت الثانية وطلبها النجدة بأم
غائبة غيابا ماديا ، متخيلة عبر ذهنها ، لتحول دون محاولة أختها الثانية في
تدمير الحديقة وإشعال النار في الفراشات، وموقف الأخت الثالثة المراوغ
فيما بين الوقوف على الحياد وحرية الآخرين ومسؤوليتهم عن نتائج اختياراتهم
تطل فكرة ( الأنا والآخر) من وراء الشخصية القناع التي وضع بيكاسو على
لسانها ذلك المفهوم الوجودي ؛ في نسق مراوغ يحمل تجليات طفولة التصوير
السيريالي .
مراوغة الصورة وسيكلوجية الألوان:
ما بين خليط الألوان الحمراء الدموية والصفراء الغيورة وبرودة اللون
الأزرق ، ورومنتيكية اللون البنفسجي تختلط الرغبة فيما بين فكرة انطلاق
الأنا وتحررها من قيود العادة والقيم وما يترتب عليه ذلك الانفلات غير
الملتزم من إضرار بالذات وإضرار بالآخر – الذي هو الطبيعة نفسها أو الوسط –
لذا يسارع بيكاسو ، متخفيا وراء قناع البنت الثانية ، ليضع على لسانه صوت
الآخر ، لخلق صورة التعادل فيما بين حرية فعل "الأنا " في التزامها بعدم
تجاوز حرية " الآخر" ، وهنا نكون أما صورتين تعادل كل منهما الأخرى تكسبان
التأييد للأحد مفاهيم الوجودية المادية وهو مفهوم (الحرية والالتزام) .
تعقيب نقدي : إن النظرة النقدية المتأملة لتلك الصور المتجاورة في حوارية
الرسم المراوغ بالكلمات ؛ يكشف عن فاعليات تلقي هذا النمط المسرحي ( مسرح
الصورة) في نسق بنائيته الإطارية ، بوصفه مجموعة من الصور في معرض درامي
تشكيلي "منيملزمي" الأسلوب. بطريقة التلقي في أحد معارض فنان تشكيلي.
ولأن المفاهيمية تشف عن فكرة مسبقة يتبناها الفنان المصور ، ويوظف
إبداعاته في تحقيقها في الصورة ، بما يقطع بأن تلك الصورة ؛ حاملة لمعناها ،
فإن القول بمفاهيمية المواقف المصورة في إبداع بيكاسو اللاشكلي في هذه
الدراما المسرحية المصورة بالكلمات ، تخرج عن مفهوم الصورة الحاملة لمعناها
!!
وهنا قد يتبادر السؤال إلى أحد الأذهان النقدية الواعية، المتقدة ( ففيما كان عنوان المقال ؟)
وللإجابة عن ذلك نقول : إن من التصاوير ما هو حامل لمعناه ، أي مقروء،
ومنها ما هو قارئ لمعناه ، فهناك اللوحة المقروءة وهناك اللوحة القارئة ،
وتلقي اللوحة القارئة يعطي التلقى قراءات متعددة بعدد حالات التلقي. وهذه
المسرحية : ( الدادا/ سريالية ) قارئة لنفسها تتعدد فيه مفاهيمية كل صورة
في نسق بنيتها التفكيكية على نحو ما أوضحنا . والمجال لا يسمح بمزيد من
تحليل هذه النادرة المسرحية من نوادر الإبداع ودرره الدرامية التشكيلية .
منقول من مسرحيون