المدير العام المــدير العام منشئ المنتدى
عدد المساهمات : 1009 نقاط : 2828 تاريخ التسجيل : 29/11/2011 العمر : 12 الموقع : https://albahito.alafdal.net
| موضوع: روعة الألحان الإثنين مارس 12, 2012 7:54 pm | |
| روعة الألحان
“من لم يهزّه العود وأوتاره, والربيع وأزهاره, والروض وأطياره, فهو عديم المزاج وليس له علاج”
قول ينسب للإمام الغزالي
تميل النفوس لسماع شيء من الموسيقى, وترتاح وتطرب رغمًا عنها أحيانًا، وتأنس بعذوبة الألحان ورقيق الكلمات بغض النظر عن الخلاف في شرعيَّة الموسيقى أو حرمتها أو مكروهها. ونجد أنَّ علماء السمعيَّات acoustic ودارسي الموسيقى يؤكدون أنَّها اللغة الأقدم, حيث سبقت لغة الكلام بمئات الأعوام، تعلمها الإنسان حينما قلد أصوات الطيور وراح يغرد كل واحد منهم معبرًا عن حاجاته ومشاعره، وعندما احتاج للتعبير عن أفكاره لجأ إلى اختراع لغة الكلام, وحينما أراد أنْ يوثِّق تلك الأفكار ويرسل ما تختلج به نفسه من مشاعر إلى من أحب اخترع الكتابة.
ومع أننا كمسلمين نعتقد بعكس ذلك, حيث (يؤكد النص القرآني الكريم (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا) أنَّ الإنسان بدأ عَاِلمًا, عابدًا, ناطقًا, متكلمًا بلغة منطقيَّة مفهومة, في الوقت الذي ينادي أغلب علماء الدراسات الإنسية (الأنثروبولوجيا) بأنَّ الإنسان الأوَّل لم تكن له قدرة على الكلام(¹).
ومع نمو وتطور اللغة عبر العصور نمت اللغة الموسيقيَّة, وتعددت أساليب التعبير عنها, وتفنن محبوها في صنع الآلات وأشكالها, وامتلك كل شعب من شعوب الأرض رصيده من الآلات والترانيم والأناشيد, كما امتلك رصيده من العمارة والحضارة والكتب.
فالموسيقى جزء من الحضارة الإنسانيَّة ولطالما عبَّرت عن أفكار واضعيها, وتناقلتها الأجيال, وأصبحت من التراث القريب للنفوس, حتى وإنْ أخذ البعض بتفسير الآية الكريمة “وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ” على أن المقصود بالصوت هو الغناء والمزمار, محذِّرًا وناصحًا بالابتعاد عن الألحان إلا إنْ ظلَّ ذلك منوطًا بكيفيَّة استخدام هذا السلاح ذو الحدين, فكما أنَّ للموسيقى صورة ترتقي بمعاني الجمال والأخلاق هناك صورة قبيحة أمعن رسَّاموها في تشويه ملامحها, وكما أنَّنا نرى الحماسة ترتفع والعزة تمور في قلوب الرجال حتى تطاول قمم الجبال عند سماع أناشيد المقاومة والجهاد، نرى للموسيقى أثرها السيئ حينما تغازل في أغنية كلمات بذيئة، وتعيش في أجواء المجون ووصف جسد المرأة أو ملبسها وغنجها ودلالها.
ومرة أخرى تعود الكرة لملعب الإنسان, وطلاب النهضة, فهو مخيَّرٌ فيما وهبه الله من ملكاتٍ, وأنعم عليه من حواس, وتفضَّل عليه من نعمة العقل والقلب, فلا بد أن يكون على قدر المسؤوليَّة ويختار بل يُحسن الاختيار, ويجعل من الموسيقى والألحان لبنة في بناء الحضارة, لا معول هدم لها, ويوظّفها بالطريقة المثلى, وأمَّا من امتلك موهبة كتابة الشعر الغنائي ففي اللغة العربية وأي لغة حيَّة ما لا يُعد أو يُحصى من ألفاظٍ ومعاني تكرّس للقيم والفضيلة, وتحث على الجد والعمل, ومشيئة الله كانت أن يكون للإنسان اختيار وقرار يحاسب عليه. | |
|