وقفات تربويَّة.. بين النَّقد والثَّناء البنَّاء

وقفات تربويَّة.. بين النَّقد والثَّناء البنَّاء

نشعر كثيرًا أنَّنا نحتاج لتبيان الأخطاء وممارسة الانتقاد،
وربَّما اللوم والعتاب، وقد يتطوَّر الأمر للعقوبة، وكل ذلك – حين يكون في
إطاره الطبيعي – ليس مجالاً للاعتراض. ومنشأ الإشكال إنَّما هو في اتِّساع
مساحة الانتقاد واللوم على حساب غيره؛ فالنَّفس تحتاج للثَّناء والتَّشجيع،
وتحتاج للشّعور بالنّجاح والإنجاز, كما أنَّها تحتاج للنقد والتَّسديد،
لكن ما يأخذه النقد واللوم من واقعنا أكثر بكثير مما يأخذه الجانب الآخر.

يمكننا القول أنَّ من معاول الهدم في التَّربيَة التَّحطيم وكثرة النَّقد وعمقه من الآخرين, وعدم التَّحفيز وضعفه منك ومن الآخرين.

النَّقد

النَّقد هو عمليَّة معقَّدَة وجوهريَّة ومؤثّرة وهو إمَّا سبيل بناء علاقة
جيّدة مبنيَّة على الاحترام بين الطرفين, أو وسيلة تشويه وإضعاف.

والنقد الإيجابي والجوهري مهمٌ لتقييم أداء الأشخاص ودفع المسيرة إلى
الأمام. الهدف منه الخروج بتقييم موضوعي ومحايد للأفكار والتصرفات حيث
يستوجب مع النقد وجود القدرة على التمييز والحكم والتحليل.

ويمكننا أن نوجز بعض القواعد التي تساعد على جعل النقد بنَّاءً فيما يلي:

يجب أنْ نتذكَّر أنَّ الهدف من النقد البنَّاء هو الإصلاح والتقويم وليس التحطيم.

كن محددًا وليس عامًا في القضية أو السلوك أو الأمر الذي تريد أن توجّه النقد فيه.
احرص دائمًا أن تصف السلوك ولا تُقيّم الذات.
استخدم وأنت تتحدَّث نحن بدلاً من أنت.
صف السّلوك ولا تفسّر ما وراءه.
عليك بالسريَّة التامَّة, واحذر من توجيه النقد أمام الآخرين, ولو اضطررت لهذا فيجب أن يكون بالتلميح والتعريض.
افترض دائمًا الخير في نفسك وفي الآخرين.
الثقة أساس رئيسي.
اختر الوقت المناسب للنقد البنَّاء.
الثَّنَاء

الثناء يُشعِر الشخص بالرضا والإنجاز، ويُزيد من ثقته بنفسه، إنَّنا أحوج
ما نكون إلى غرس الثقة بالنَّفس والشعور بالقدرة على الإنجاز في ظل مشاعر
الإحباط والثناء التي تحيط بنا من كل جانب، إنَّه أيضًا وسيلة غير مباشرة
لإثارة تطلُّع الآخرين وحماستهم للتأسّي بالمُثْنَى عليه والاقتداء به،
وإبرازه مَثَلاً حيًّا مُشَاهَدًا أمامه.

لذا فإن وضع قواعد للثناء البنَّاء لا يقل أهمية عن وضع قواعد للنقد
البنَّاء, فمدح تصرّفات الشخص يؤدي إلى الاعتزاز بذاته واحترمها, ومن
قواعده:

كن صادقاً في ثنائك.

ليكن لمدحك سبب, ولثنائك عمل قام به الشخص.
امدح العمل والشخص.
احذر من الثناء الأجوف.
اجعل للشخص قيمة أمام الآخرين.
أشبع في الشخص حب الثناء قبل أن يطلبه منك ومن الآخرين.
ليس من حقك أن تحرم الشخص من الثناء خوفًا عليه من الغرور.
وحتى يُؤَدِّي الثَّناء دوره دون إفراط فلا بد من الاعتدال؛ فالمبالغة فيه
تُفقده قيمته، وتُشعر من يسمعه بأنَّه ثناءٌ غير صادق ولا جادّ.
----------------------------

د. أحمد أمين

» هل المدرس مستعد للتخلي عن سلطته التربوية؟(إسماعيل آيت عبدالرفيع/منتدى وقفات)