مفهوم التناص

إعداد: ذ.عبد العزيز اليوسفي العلوي

مفهوم التناص:

يرى سعيد
يقطين بأن المفاهيم وليدة الوعي بالظاهرة، وامتلاك القدرة على فهمها وتفسيرها
،وهذه المفاهيم للتوضيح، تتصل بتسمية الأشياء
ووضعها في نسق ينظم علاقتها بغيرها ويحدد موقعها منها، أما التجليات فهي
الصور الأولية التي تتفق بها الأشياء، وتتحول من ثمة إلى ظواهر قارة وثابتة لها
وجودها الخاص واستقلالها، أو شبهه، عن غيرها.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
فالبحث العلمي وهو يكتشف الموجودات يقدم لها أسماء جديدة.

ولعل من بين
المفاهيم التي تقرب المقابلة بين المفهوم والتجلي، نجد مفهوما شأنه في ذلك شأن
مختلف المفاهيم الجنسية مثل الخطاب والنص...،له من الشمول والعموم بحيث لا يعدم
وجوده في أي نص، كيفما كان المنطلق الذي ننطلق منه في تحديده، وسواء أكان أدبيا أم
غير أدبي، إنه مفهوم التناص.

التناص مصدر
الفعل على زنة"تفاعل" تأتي من اثنين أو أكثر، وهو "تداخل"
النصوص ببعضها عند الكاتب، والشاعر بخاصة،طلبا لتقوية الأثر، أو توسعا في القول
بالإحالة على نصوص أخرى.

قد يذهب بعض الدارسين إلى القول بأن مفهوم
"التناص intertextuality " من
المفهومات المحدثة في الكتابات النقدية العربية ، غير أن وجوده كممارسة موجود في
أي نص قديم أو حديث، لكن معرفتنا الجديدة به
متطورة عن المعرفة السابقة وستتطور
المعرفة به غدا أكثر من اليوم "لقد
عرف النقد العربي القديم هذه الطرافة الأسلوبية في شكل " التضمين"كأن
يضمن الشاعر بيتا أو شطرا من شاعر آخر، لسبب إيجابي أو سلبي أو أن يضمن قولا
مأثورا أو آية كريمة. ويكون القصد من التضمين في جميع الأحوال قصدا بلاغيا."[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

إن التناص
مفهوم جديد في الدراسة الأدبية الحديثة. وهو نتاج
التطور الحاصل في اللسانيات وفي العلوم الأدبية الحديثة ، وفي العلوم
الأدبية الجديدة. جاء هذا المفهوم ليحدد ظاهرة نصية ويبرزها في الوعي النقدي، لكن
ممارسة التناص أو التجلي التناصي سنجده قديما قدم النص كيفما كان جنسه أو صورة
إبداعه

فإذا انتقلنا من
المفهوم إلى حدود المصطلح؛ على اعتبار أن المصطلح هو ذلك المفهوم التام الذي
لايمكن أن نفهم من صورته إلا دلالة واضحة، يمكن القول إن هذا المصطلح برز على يد
"جوليا كريستيفا"، غير أن الولادة الحقيقية كانت على أيدي الشكلانيين
الروس – وإن لم تكن ولادة خالصة- فهم
يؤمنون بالتناص من خلال تداخل النصوص وظهور أثر بعضها على بعض، رغم احتفاظ كل نص
بخصوصيته ومميزاته.

استطاعت
"كريستيفا" أن تستنبط هذا
المصطلح من خلال قراءتها
"لباختين" في دراسته لأعمال "دوستوفسكي" الروائية حيث وضع
مصطلحي تعددية الأصوات والحوارية، دون أن
يستخدم مصطلح التناص . وبذلك تكون الرواية
أول الأجناس الأدبية معملا إجرائيا لهذا المصطلح دون تسمية، وتكون
"جوليا كريستيفا" عام 1966م أول من استخدم هذا المصطلح قاصدة به "
أن كل نص هو عبارة عن فسيفساء من الاقتباسات وكل نص هو تشرب وتحويل لنصوص
أخرى"[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

فإذا اعتبرنا النص ممارسة تبرز لنا عبرها قدرة الكاتب
على التفاعل مع نصوص غيره من الكتاب، وعلى إنتاجه لنص جديد فإن جزءً أساسيا من
نصية النص تتجلى من خلال التناص، فقد استعمل في بدايات توظيفه مع
"باختين" و"كريستيفا" بمعنى يتعلق بالصلات التي تربط نصا
بآخر، وبالعلاقات أو التفاعلات الحاصلة بين النصوص مباشرة أو ضمنا عن قصد أو غير
قصد[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
.

يربط
"جيني" التناص بالتواصل بوجه عام وذلك عندما نجده يقول"خارج التناص
يغدو العمل الأدبي ببساطة غير قابل للإدراك"[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
فلو لم تتحقق مظاهر نصية موجودة في نصوص سابقة لما أمكننا التواصل، أو إدراك ما
تقدمه نصوص لاحقة تتجسد فيها المظاهر النصية السابقة نفسها، وإن تعددت أشكالها
وأصنافها.

وهكذا يمكن
القول إن هذا المصطلح استعمل في البداية لرصد مختلف العلاقات بين النص، والآن تم
ضبط علاقات عدة تأخذها هذه النصوص ببعضها وأعطي لكل منها مصطلح خاص ودال على
خصوصياتها.

[right]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] سعيد يقطين،السرد العربي مفاهيم وتجليات،دار الؤية
القاهرة،ط1،2006،ص:65.[1]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] عبد الواحد لؤلؤة، من قضايا الشعر العربي
المعاصر التناص مع الشعر الغربي، مجلة الوحدة ، السنة السابعة العد 82/83يوليو1991،ص:14.[2]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] معجم مصطلحات، نقد الرواية،2002،ص؛63-65.[3]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] سعيد يقطين، الرواية والتراث السردي،المركز
الثقافي العربي، البيضاء،ط1،1992،ص:10،11.[4]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]Jenney :La stratégie
de la forme in :poétique N27/1976-P.257 .

[/right]

» مفهوم الثقافة
» مفهوم الأيقونة