أجمل لفظة في العشق

طالب هماش
أجمل لفظة في العشق



الموتُ والمأوى
بحيراتُ الغروب ِ
وحزنها الجوفيُّ في الآبارِ ..
غربةُ طائرٍ مترهّب ِفي آخرِ الأنهارِ
والشمسُ الجريحةُ مثل َخيطٍ من دمٍ متكسرٍ
في نبعِ ماء ْ.
* * *
والليلُ ليلى
حينَ يقطرُ صمته ُالدمعيَّ في أيقونةِ الإصغاءِ ،
والقمرُ المطلُّ على سفوح ِ الكون
من قدّاسه ِالعالي..
ترقرقُ كهرباءُ الغيمِ نبض َرنينه
ضوءاً حليبيَّ الضياءْ.
* * *
هيَ شهوةُ الآهاتِ في ذوبانها الشهويِّ،
والياءُ الصغيرةُ في تَشَهِّيْهَا
وواوُ الموتِ ،
والألفُ الذي تسقيهِ كأس َ الموتِ في الموّالِ
أفئدةُ النساء ْ .
* * *
وهيَ النداءُ الهدهديُّ
على انبلاجِ سحابةٍ من غابةِ الرؤيا،
ورجعُ أنوثةِ الكلماتِ في قاموس ِعذريّين َ
منحدرينَ من حزنٍ سماويٍّ ،
ومن مبكى حروفِ العلّة ِالعطشى
مساء ًتحت قنطرةِ الحداء ْ.
* * *
أتكونُ إمرأة ً كهذا الغيمِ
تعصرُ شعرها المبتلَّ فوق الصبحِ ،
والصدرُ الضريرُ بناهديهِ الظامئينِ
يفوحُ كالتفاح ِفي شهواتهِ البيضاءِ ..
أم نقشٌ على حجرٍ
تدحرجهُ الرياحُ على جرودٍِ نائيه ْ ؟
* * *
لتصيرَ أجملَ لفظةٍ في العشق ِأجراسُ اسمها البدويِّ ،
ريحانُ البلاغةِ في كنايتها البعيدةِ ،
والغناءُ بأحرفِ المدِّ الطويلةِ
في مجاهيل ِالجهاتِ..
يقولها وَلَهَاً وينتحبُ المحبّونَ الأوائلُ ،
من غدوا خلف النوافذِ كالشموعِ الرائيه .
* * *
وتكافحُ الناياتُ غصَّتها المريرةَ
حيث تبحرُ باسمها المبحوحِ في قصب الصدى ؛
ليهيجَ كالأمواجِ في شجن الصحارى..
طائفاً كالريحِ في وادي الرمالِ ،
ولافحاً بالشوق ِأوجاع َالقلوبِ الفانيهْ .
* * *
يا ليلُ ليلى العامريةُ لم تمتْ يوماً
ككلّ الناسِ بل صارتْ رسوماً
من خيوطِ الدمعِ تنسجها الميابرُ في المحارمِ
كانهمالِ الشمسِ من كفِّ البصيرةِ
في المساءْ !
* * *
وبكلّ شرفةِ منزلٍ هيَ نرجس ٌباك ٍ
يكفكفُ دمعَهُ ماءُ الإناءْ .
* * *
آلتْ أنوثتُها إلى الشعراء ِ
حتى أصبحت لغزَ الوجوهِ الأنثويّةِ في رهافتها
وصارَ خيالها الحاني
قصاصاتٍ من الأطيافِ حائمةً
تهدهدُ في ليالي الأبجديَّةِ
أحرفَ الرؤيا الصغيرةَ بالغناءْ .
* * *
أيكونُ للشعراءِ أن يتأملوا
في الماءِ طيفاً أنثويّاً عارياً ،
أو يبصروا عند المغيبِ جمالَ وجهٍ شاحبٍ
وهبتهُ أوجاعُ الطبيعةِ حزنها الصافي
وضمّتهُ شقائقُ من دماءْ ؟
* * *
لكأنّ أحداقَ النساءِ منيَّةٌ بيضاءُ للعشاقِ
في أبديّةٍ ثكلى ،
وبئرٌ غائرٌ في الروح ِ ننظر ُفي غيابتهِ
لندركَ أننا غرباء ُ هذي الأرضِ
أحفادُ العذاباتِ ،
الأشقاء ُالحزانى للجمالِ
فكلما حدّقت ُفي عينينِ ضائعتينِ
زايلني الشعورُ بأنني راء ٍ
يشاهدُ في ظلامِ البئرِ وجهَ الموتِ
يلمعُ مثلَ دائرة ٍمضوَّأة كعينِ الميتِ في تحديقها
الباكي إلى أملِ السماءْ !
* * *
وكأنَ ( قيساً) ما يزالُ محدقاً
من شرفةِ النسيانِ
في ذيالكَ القمرِ البديع ِ، شبيهِ ليلى
والشقيقِ الطفلِ للعشاق
يظهرُ ثم يغربُ في الغمائمِ
مثل أطيافِ النساءْ .
* * *
ظلّت ترعرعُ بحّةُ الريحِ الجريحةُ
شِعرَهُ في حبّها
حتى استحالَ إلى رثاءِ معاجمِ العشاقِ في لغةِ المحبينَ القدامى
وانتهتْ كلُّ المراثي دمعةً في عينِ ماءْ .
* * *
لكنّ غيمات المساءِ البيضَ
حين تقابلا وجهاً لوجهٍ
أغرقتها الشمسُ في شفقٍ عميق ِالإزهرارِ ،
وشجرةُ الصيفِ التي طالت
ليكبر َحزنها الريحيُّ فوقهما
تلاشتْ في الحفيفْ .
* * *
ألقبّراتُ تفرّقتْ
وتفتّحت ريحانةُ الحزنِ الكفيفةُ ،
والرياحُ توحّشتْ كربابةٍ مقطوعةِ الأوتارِ
في ندمِ الخريفْ .
* * *
ورأتهُ رؤيا العينِ
قدّيساً تنوّرهُ على الدمعِ الشموعُ
رأتْ سقوطَ دموعه فوق الحصى الصافي ،
ورقّةَ روحهِ في عهدةِ الليل الشفيفْ .
* * *
عرفتهُ من وشم ِالمنيّةِ في طراوةِ ساعديهِ ..
وبرهةِ الفجرِ المصفّى في عذوبةِ ناظريهِ ..
رأتْ بياضَ اللوز مكسوراً على الأزهارِ ،
زوبعةَ البلابلِ وهي تسقطُ فوق تفّاح السهولِ
لكي تؤنّث َنفسها
وتطيرَ مثل قصيدة ٍثكلى إليهْ ..
* * *
فتكفّنتْ بنحيبها الملتاعِ
حتى سالتِ الغصّاتُ من دار لدارْ .
لتصيرَ ليلى زهرةَ الحبّ اليتيمِ
يشمّها ( قيس ٌ) فيشعرُ بالدوارْ .
ويظلُّ كالمجنون يرحل ُفي القفار ْ
منقول من مجلة أدب وفن